يقول مصطفى لطفي المنفلوطي في مقاله: «الرحمة»: «إنَّ الرحمة كلمة صغيرة، ولكن بين لفظها ومعناها من الفرق مثل ما بين الشمس في منظرها والشمس في حقيقتها … لو تراحَم الناس لما كان بينهم جائعٌ ولا عارٍ، ولا مغبونٌ ولا مهضومٌ، ولأقفرت الجفون من المدامع، واطمأنَّتِ الجُنُوبُ في المضاجع، ولَمَحَتِ الرحمةُ الشقاءَ من المجتمع كما يمحو لسانُ الصبحِ مدادَ الظلام. لم يخلق الله الإنسان ليُقتِر عليه رزقَه، ولم يقذف به في هذا المجتمع ليموت فيه جوعًا، بل أرادت حكمته أن يخلقه ويخلق له فوق بساط الأرض، وتحت ظلال السماء ما يكفيه مئونته، ويسدُّ حاجته، ولكن سلبه الرحمة، فبغى بعضه على بعض، وغدر القويُّ بالضعيف، واحتجن دونه رزقه، فتغيَّر نظام القسمة العادلة، وتشوَّه وجهها الجميل، ولو كان للرحمة سبيلٌ إلى القلوب لما كان للشقاء إليها سبيل … أيها السعداء، أحسِنوا إلى البائسين والفقراء، وامسَحوا دموع الأشقياء، وارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء». لإقناع القارئ ربط المنفلوطي الأسباب بمسبَّباتها. أيٌّ ممَّا يأتي لا يمثِّل ذلك؟
ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماءلو كان للرحمة سبيلٌ إلى القلوب لما كان للشقاء إليها سبيلمَحَتِ الرحمة الشقاء من المجتمع كما يمحو لسانُ الصبحِ مدادَ الظلالو تراحَم الناس لما كان بينهم جائعٌ ولا عارٍ.